قال ابنُ تَيميَّةَ: أمَّا في المسائِلِ الأُصوليَّةِ فكثيرٌ من المتكَلِّمةِ والفُقَهاءِ من أصحابِنا وغيرِهم من يوجِبُ النَّظَرَ والاستدلالَ على كُلِّ أحدٍ، … وأمَّا جمهورُ الأُمَّةِ فعلى خِلافِ ذلك، فإنَّ ما وجب عِلمُه إنما يجِبُ على من يقدِرُ على تحصيلِ العِلمِ، وكثيرٌ من النَّاسِ عاجِزٌ عن العِلمِ بهذه الدَّقائِقِ، فكيف يكَلَّفُ العِلمَ بها؟! قال المظفَّرُ بنُ السمعانيِّ: إيجابُ مَعرفةِ الأُصولِ على ما يقَولُه المتكَلِّمون بعيدٌ جِدًّا عن الصَّوابِ، ومتى أوجَبْنا ذلك فمتى يوجَدُ من العوامِّ من يعرف ذلك، وتصدُرُ عقيدتُه عنه؟! الذنوب في مجملها جناية في حق الخالق سبحانه، فهي عصيان لأمره وخروج عن طاعته، وهي وإن استوت جميعها في كونها معصية لله، إلا أنها تتفاوت فيما يترتب عليها من عقوبة وإثم، فأقبح الذنوب على الإطلاق وأكبرها إثما وأشدها عقوبة هو الكفر بالله، الذي يخُرج من الدين، ويخلُد صاحبه في النار، وبعد الكفر تأتي كبائر الذنوب والتي من أعظمها ما يسمى بالكفر الأصغر، حيث عدّه العلماء أشدَّ من الزنا، وشرب الخمر، والسرقة؛ لأن ذنباً سماه الله كفراً هو أعظم من غيره من الذنوب التي لم يطلق عليها هذا الاسم | الكفر يعرف الكفر في اللغة على أنّه تغطية الشيء وستره وعدم إظهاره |
---|---|
قلت : وهذا قريب من التعريف الأول ، وبما أن الإيمان لا يكون إلا بالقول والاعتقاد والعمل ؛ فكذلك الكفر يكون بالاعتقاد أو القول أو العمل ؛ وهو أنواع | على أننا نقول: إن من صور الحكم بغير ما أنزل الله ما هو كفر أصغر اتفاقًا، ومنها ما هو كفر أكبر، حسب حال الحاكم، ونوع حكمه |
وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لأجِدَنَّ خَيْراً مِنْهَا مُنْقَلَباً.
2وأما الكفر الأصغر، فهو ما أطلق عليه الشرع لفظ الكفر، مع ثبوت الإسلام لصاحبه بأدلة أخرى، كقوله صلى الله عليه وسلم: من حلف بغير الله، فقد كفر | وقال في " طريق الهجرتين " ص 611 :" إن العذاب يستحق بسببين ، أحدهما : الإعراض عن الحجة وعدم إرادتها ، والعمل بها وبموجباتها ، والثاني : العناد لها بعد قيامها وترك إرادة موجبها ، فالأول كفر إعراض ، والثاني كفر عناد |
---|---|
ويحرُمُ التقليدُ على العالمِ، أو الذي يستطيعُ النَّظَرَ والاستدلالَ؛ إذا اجتهد وبان له الحَقُّ في المسألةِ، سواءٌ كان ذلك في العقائِدِ أو الأحكامِ؛ لورود الأدِلَّة في ذمِّ التقليدِ والمقَلِّدين | وأما ترك الصلاة هل هو كفر أكبر أم كفر أصغر؟ فقد اختلف أهل العلم في ذلك، فمنهم من قال: إنه كفر أصغر، ومنهم من قال: إنه كفر أكبر، وقد سبق لنا فتوى في ذلك، فانظر الفتوى: |
نسأل الله أن يعيذنا من الكفر وشعبه ،و أن يزينا بزينة الإيمان ويجعلنا هداة مهتدين.
7