وقد قيل: إن { سجين } هو أسفل الأرض السابعة، مأوى الفجار ومستقرهم في معادهم | نعم، ثوبوا ما كانوا يفعلون، عدلًا من الله وحكمة، والله عليم حكيم |
---|---|
{ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ } ثم بين المكذبين بأنهم { الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ } أي: يوم الجزاء، يوم يدين الله فيه الناس بأعمالهم | سبب نزول سورة المطففين قبل أن يتمَّ توجيه دفةِ الحديث إلى مقاصد سورة المطففين ستتحدَّث هذه الفقرة عن أسباب نزول السورة، حيثُ نزلَت معظم سور القرآن الكريم وآياته توجيهيَّة للناس، حتَّى ترسمُ لهم نهجًا قويمًا في حياتهم سواءً في أمور دنياهم أو في أمور آخرتهم، وكانت سورة المطففين من السور التي جاءت فيها توجيهات من الله تعالى في كيفيَّة تعامل الناس مع بعضهم في الموازين والابتعاد عن التطفيف وسرقةِ أموال الناس بالباطل، ويذكرُ ذلك ابن عباس -رضي الله عنه- في حيثُ قال: "لمَّا قدِم النَّبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- المدينةَ كانوا مِن أخبثِ النَّاسِ كَيلًا، فأنزَل اللهُ -عزَّ وجلَّ-: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ}، فأحسَنوا الكَيلَ بعدَ ذلك" ، وهذا كان السبب الرئيسي وراء نزول سورة المطففين |
وبعد ذلك ينقل كلامه عن الكفار وعن استهزاءهم بالمؤمنين الذين لو رأوهم في الطريق يتغامزون عليه، ولو ذهبوا لأهلهم تلذذوا أمامهم بالاستهزاء بالمؤمنين، بل أنهم يصفون المؤمنين بالضلال، ولكن يبشرهم الله سبحانه وتعالى بالجنة التي سيضحكون بها ويستهزئون بالكفار كما فعلوا معهم.
22{ هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ } أي: هل جوزوا من جنس عملهم؟ فكما ضحكوا في الدنيا من المؤمنين ورموهم بالضلال، ضحك المؤمنون منهم في الآخرة، ورأوهم في العذاب والنكال، الذي هو عقوبة الغي والضلال | وعذاب الحجاب من رب العالمين، المتضمن لسخطه وغضبه عليهم، وهو أعظم عليهم من عذاب النار، ودل مفهوم الآية، على أن المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة وفي الجنة، ويتلذذون بالنظر إليه أعظم من سائر اللذات، ويبتهجون بخطابه، ويفرحون بقربه، كما ذكر الله ذلك في عدة آيات من القرآن، وتواتر فيه النقل عن رسول الله |
---|---|
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ 1 الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ 2 وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ 3 أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ 4 لِيَوْمٍ عَظِيمٍ 5 يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ 6 كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ 7 وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ 8 كِتَابٌ مَرْقُومٌ 9 وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ 10 الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ 11 وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ 12 إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ 13 كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ 14 كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ 15 ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ 16 ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ 17 كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ 18 وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ 19 كِتَابٌ مَرْقُومٌ 20 يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ 21 إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ 22 عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ 23 تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ 24 يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ 25 خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ 26 وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ 27 عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ 28 إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ 29 وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ 30 وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ 31 وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ 32 وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ 33 فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ 34 عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ 35 هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ 36 السورة السابقة: سورة المطففين السورة التالية: ١ ٢ ٣ ٤ ٥ ٦ ٧ ٨ ٩ ١٠ ١١ ١٢ ١٣ ١٤ ١٥ ١٦ ١٧ ١٨ ١٩ ٢٠ ٢١ ٢٢ ٢٣ ٢٤ ٢٥ ٢٦ ٢٧ ٢٨ ٢٩ ٣٠ ٣١ ٣٢ ٣٣ ٣٤ ٣٥ ٣٦ ٣٧ ٣٨ ٣٩ ٤٠ ٤١ ٤٢ ٤٣ ٤٤ ٤٥ ٤٦ ٤٧ ٤٨ ٤٩ ٥٠ ٥١ ٥٢ ٥٣ ٥٤ ٥٥ ٥٦ ٥٧ ٥٨ ٥٩ ٦٠ ٦١ ٦٢ ٦٣ ٦٤ ٦٥ ٦٦ ٦٧ ٦٨ ٦٩ ٧٠ ٧١ ٧٢ ٧٣ ٧٤ ٧٥ ٧٦ ٧٧ ٧٨ ٧٩ ٨٠ ٨١ ٨٢ ٨٣ ٨٤ ٨٥ ٨٦ ٨٧ ٨٨ ٨٩ ٩٠ ٩١ ٩٢ ٩٣ ٩٤ ٩٥ ٩٦ ٩٧ ٩٨ ٩٩ ١٠٠ ١٠١ ١٠٢ ١٠٣ ١٠٤ ١٠٥ ١٠٦ ١٠٧ ١٠٨ ١٠٩ ١١٠ ١١١ ١١٢ ١١٣ ١١٤ | وإذا كان هذا الوعيد على الذين يبخسون الناس بالمكيال والميزان، فالذي يأخذ أموالهم قهرًا أو سرقة، أولى بهذا الوعيد من المطففين |
{ وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ } على محارم الله، متعد من الحلال إلى الحرام.
2وعلى العكس يثني الله سبحانه وتعالى على العباد المؤمنين ويعدهم بالجنة، وأن كتابهم مكتوب ومحفوظ لدى الله سبحانه وتعالى حتى يوم القيامة وهو الكفيل بحمياته من النار، ويشهد على ذلك جميع الملائكة، وفي الآية التالية يُعدد الله عز وجل النعيم الذي سيعيش به المؤمنين في الجنة جزاء طاعته والإيمان به وبقضائه | تفسير سورة المطففين مبسطة للأطفال بدأت الآيات الكريمة بالوعيد من الله عز وجل للمطففين في الميزان بنار جهنم لأنهم يتعمدون الغش خلال البيع، ويخبرهم بأنهم سيحاسبون على ذلك يوم القيامة وهو يوم الحساب العظيم جزاء فعلتهم وخيانتهم للأمانة، ولو تم اخبارهم بالحجج المبينة في القرآن الكريم يقولون ما ذلك سوى خرافات، فقد غطى الله سبحانه وتعالى على قلوبهم فلا يستطيعون تمييز الحق، كما أنه سيحرمهم من دخول الجنة ويكون جزاؤهم دخول نار جهنم، وهو العذاب الذي اخبرهم الله سبحانه وتعالى به ولكنهم لم يصدقوه |
---|---|
قال تعالى: { وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ } أي: وما أرسلوا وكلاء على المؤمنين ملزمين بحفظ أعمالهم، حتى يحرصوا على رميهم بالضلال، وما هذا منهم إلا تعنت وعناد وتلاعب، ليس له مستند ولا برهان، ولهذا كان جزاؤهم في الآخرة من جنس عملهم، قال تعالى: { فَالْيَوْمَ } أي: يوم القيامة، { الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ } حين يرونهم في غمرات العذاب يتقلبون، وقد ذهب عنهم ما كانوا يفترون، والمؤمنون في غاية الراحة والطمأنينة { عَلَى الْأَرَائِكِ } وهي السرر المزينة، { يُنْظَرُونَ } إلى ما أعد الله لهم من النعيم، وينظرون إلى وجه ربهم الكريم | { يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ } وهو من أطيب ما يكون من الأشربة وألذها، { مَخْتُومٍ } ذلك الشراب { خِتَامُهُ مِسْكٌ } يحتمل أن المراد مختوم عن أن يداخله شيء ينقص لذته، أو يفسد طعمه، وذلك الختام، الذي ختم به, مسك |
{ 27 - 28 } ومزاج هذا الشراب من تسنيم، وهي عين { يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ } صرفا، وهي أعلى أشربة الجنة على الإطلاق، فلذلك كانت خالصة للمقربين، الذين هم أعلى الخلق منزلة، وممزوجة لأصحاب اليمين أي: مخلوطة بالرحيق وغيره من الأشربة اللذيذة.
16