وقال الإمام النووي: التوبة النصوح ما استجمعت ثلاثة أمور: 1 الإقلاع عن المعصية | كذلك إذا كان جوهر النفس نقيا خالصا من كدورة الكفر والنفاق فمجاورتها للكفرة وعشرتها إياهم لا تغير من حالها شيئا، ولا يؤثر فيها ضلال الضالين ولا عتوّ الظالمين، وضرب لذلك مثل امرأة فرعون التي ألحف عليها فرعون وقومه أن تعتنق الوثنية التي كانوا يدينون بها، وتعتقد ألوهيته هو فأبت وجاهدت في الله حق جهاده حتى لاقت ربها وهي آمنة مطمئنة قريرة العين بما دخل في قلبها من نور الإيمان، وكذلك مريم بنة عمران التي عفّت فآتاها الله الشرف والكرامة، وأنجبت نبي الله عيسى، وصدقت بجميع شرائعه وكتبه وكانت من العابدين القانتين |
---|---|
قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ أي قد شرع لكم تحليل أيمانكم بالكفارة عنها، فعليك أن تكفر عن يمينك | وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ أي وهو العليم بما يصلحكم فيشرعه لكم، الحكيم في تدبير أموركم، فلا يأمركم ولا ينهاكم إلا وفق ما تقتضيه المصلحة |
وفي الآية إيماء إلى أمور اجتماعية هامة: 1 أنه لا مانع من الإباحة بالأسرار إلى من تركن إليه من زوجة أو صديق.
27والخلاصة - إن المعصية إن كانت في خالص حق الله كفى فيها الندم كما في الفرار من الزحف وترك الأمر بالمعروف، وإن تعلقت بحقوق العباد لزم مع الندم العزم على إيصال حق العبد أو بدله إليه إن كان الذنب ظلما كما في الغصب والقتل العمد، والاعتذار إليه إن كان إيذاء كما في الغيبة إذا بلغته، ولا يلزم تفصيل ما اغتابه به إلا إذا بلغه على وجه أفحش | الإيضاح يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أي أيها الذين صدّقوا الله ورسوله: ليعلم بعضكم بعضا ما تتقون به النار وتدفعونها عنكم، إنه طاعة الله تعالى وامتثال أوامره، ولتعلّموا أهليكم من العمل بطاعته ما يقون به أنفسهم منها، واحملوهم على ذلك بالنصح والتأديب |
---|---|
أخرج ابن المنذر والحاكم في جماعة آخرين عن علي كرم الله وجهه أنه قال في الآية: علموا أنفسكم وأهليكم الخير وأدّبوهم | ثم ذكروا ما يطمعهم في إجابة الدعاء فقالوا: إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ أي إنك على إتمام نورنا، وغفران ذنوبنا، وكل ما نرجو منك ونطمع - قدير يا ربنا، فاللهم أجب دعاءنا، ولا تخيب رجاءنا |
عَلَيْها مَلائِكَةٌ أي موكّل عليها ويلى أمرها وتعذيب أهلها تسعة عشر ملكا هم زبانيتها الذين سيأتي ذكرهم في سورة المدثر في قوله تعالى: « سَأُصْلِيهِ سَقَرَ وَما أَدْراكَ ما سَقَرُ.