وعلى هذا، فالوقت المختار للوتر هو ما بعد صلاة العشاء إلى أذان الفجر لما تقدم، ولقوله صلى الله عليه وسلم: "صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى" رواه البخاري ومسلم، ولقوله صلى الله عليه وسلم: "الوتر ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر" رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه، وصححه الحاكم | والذي عندي في هذا : أن هذا من فعلهم ليس مخالفا للآثار الواردة في ذلك - أعني : في إجازتهم الوتر بعد الفجر - بل إجازتهم ذلك هو من باب القضاء لا من باب الأداء ، وإنما يكون قولهم خلاف الآثار لو جعلوا صلاته بعد الفجر من باب الأداء فتأمل هذا |
---|---|
ولا يكره الوتر بواحدة لقوله صلى الله عليه وسلم: " ومن أحب أن يوتر بواحدة، فليفعل " أخرجه أبو داود وأفضل الوتر إحدى عشرة ركعة يصليها مثنى مثنى ويوتر بواحدة لقول عائشة رضي الله عنها: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالليل إحدى عشرة ركعة يوتر منها بواحدة " وفي لفظ " يسلم بين كل ركعتين ويوتر بواحدة" أخرجه مسلم | والقول القديم أنه لا يقضى، وذهب الحنابلةُ إلى أنه يُندب قضاءُ الوِتر إذا فات وقتُه؛ لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ نَامَ عَنِ الوِتْرِ أَوْ نَسِيَهُ فَلْيُصَلِّ إِذَا ذَكَرَ وَإِذَا اسْتَيْقَظَ» رواه الترمذي ، قالوا: ويقضيه مع شفعه |
ومن عرض أقوال الفقهاء يتبين لنا أن مِن الفقهاء مَن ذهب إلى قضاء بعد خروج وقته، ومنهم من لم يرَ ذلك، وطبقًا لما هو مقرر عند الفقهاء من أنه لا يُنكر المختلف فيه، فللإنسان أن يأخذ بأحد هذه الآراء، وننصح أنه إذا وَثِقَ باستيقاظه أواخرَ الليل فيُستحب له أن يؤخرَ وتره ليؤديه آخر الليل، وإلا فيستحب تقديمه قبل النوم؛ لما رواه مسلم في صحيحه عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ خَافَ أَنْ لَا يَقُومَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ فَلْيُوتِرْ أَوَّلَهُ، وَمَنْ طَمِعَ أَنْ يَقُومَ آخِرَهُ فَلْيُوتِرْ آخِرَ اللَّيْلِ، فَإِنَّ صَلَاةَ آخِرِ اللَّيْلِ مَشْهُودَةٌ، وَذَلِكَ أَفْضَلُ».
فإذا فعل المسلم أي واحد من الأمرين فلا حرج عليه إن شاء الله تعالى | وينتهي عند أذان الفجر ودلت السنة على أن من طمع أن يقوم من آخر الليل فالأفضل تأخيره، لأن صلاة آخر الليل أفضل، وهي مشهودة، ومن خاف أن لا يقوم آخر الليل أوتر قبل أن ينام لحديث جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «مَنْ خَافَ أَنْ لا يَقُومَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ فَلْيُوتِرْ أَوَّلَهُ وَمَنْ طَمِعَ أَنْ يَقُومَ آخِرَهُ فَلْيُوتِرْ آخِرَ اللَّيْلِ فَإِنَّ صَلاةَ آخِرِ اللَّيْلِ مَشْهُودَةٌ وَذَلِكَ أَفْضَلُ» رواه مسلم 755 |
---|---|
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : أحرص على الوتر في وقته الفاضل قبل طلوع الفجر ؛ ولكن أحياناً لا أستطيع فعله قبل طلوع الفجر ، فهل يجوز لي الوتر بعد طلوع الفجر ؟ فأجاب : " إذا طلع الفجر وأنت لم توتر فلا توتر ، ولكن صل في النهار أربع ركعات إن كنت توتر بثلاث ، وست ركعات إن كنت توتر بخمس وهكذا |
وكذلك صلاة ثلاث عشرة ركعة سنة، كما روت عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالليل ثلاث عشرة ركعة، ثم يصلي إذا سمع النداء بالصبح ركعتين خفيفتين.
27عدد ركعات الوتر لم يذكر أنّ لصلاة الوتر عدد محدّد من الركعات، فهنالك أدلّه والدليل قول الني صلى الله عليه وسلم: "الوتر ركعة من آخر الليل" رواه مسلم، ولم يكره النبي أن يوتر بركعة واحدة لقوله صلى الله عليه وسلم: "ومن أحب أن يوتر بواحدة، فليفعل" أخرجه أبو داود، ولكن أفضل الوتر أن يكون إحدى عشرة ركعةً يصليها الإنسان مثنى ويوتِر بواحدة في آخرها وذلك كما اعتاد النبي على أن يصلّي الوتر، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالليل إحدى عشرة ركعة يوتر منها بواحدة، فيسلم بين كلّ ركعتين ويوتر بواحدة، ويمكن أن يصلي الشخص أكثر من ثلاث عشرة ركعة، ولكن يجب أن يختم تلك الركعات بركعة واحدة | حكم صلاة الوتر صلاة الوتر سنّة مؤكدة لما ذهب إليه جمهور الفقهاء؛ فقد ذكر الرسول صلى الله عليه وسلّم أنّ الصلوات المفروضة علينا هنّ خمس صلوات فقط، وما زاد عليهنّ كان تطوّعاً؛ وهي سنّة مؤكدة لأنّه صلّى الله عليه وسلم أخبرنا بأنّ الله سبحانه يحبّها، وأمرنا بصلاتها، والقول بأنّها سنّة مؤكدة دون الوجوب لا يعني التقليل من شأنها؛ فعلى المسلم الحرص على تأديتها وعدم تركها عمداً |
---|---|
ملاحظة: للمسلم حرية الاختيار في تأدية هذه النافلة، فإمّا أن يصليها مثنى مثنى وينهي صلاة الوتر بركعة واحدة ويقرأ التشهد فيها ويسلّم فيما يعرف بالوصل، أو بإمكانه أن يصلي الصلاة كاملة ولا يقرأ التشهد إلا في الركعة الأخيرة | وروى البخاري 472 ومسلم 749 أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : صَلَاة اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى ، فَإِذَا خَشِيَ الصُّبْحَ صَلَّى وَاحِدَةً فَأَوْتَرَتْ لَهُ مَا صَلَّى |
وقت الوتر يبدأ من الفراغ من صلاة العشاء، وينتهي بطلوع الصبح، ولا شك أن آخر الوقت أفضل من أوله لمن وثق من نفسه أنّه يقوم في آخر الليل، فتأخيره إلى الثلث الأخير أفضل من كونه يؤدى في أول الليل، ومن لم يثق من نفسه بقيام آخر الليل فليوتر قبل أن ينام كما أوصى النبي -عليه الصلاة والسلام- بعض الصحابة.
30