عام الحزن. عام الحزن

فكانت تردّ النبي ولا تقبل دعواه وتردُّه إما ردّاً جميلاً أو قبيحاً فصمَّم على نشر الدعوة بين سائر القبائل العربية الأخرى، فإذا استطاع أن يهدي قبيلة واحدة ذهب إليها وظلّ ينشر نور الإسلام من خلال أفرادها
! متى كان عام الحزن ؟ ذكر العلامة المجلسي رحمه الله : إن أبا طالب رضي الله عنه توفي في آخر السنة العاشرة من مبعث رسول الله صلى الله عليه و آله ثم توفيت خديجة رضي الله عنها بعد أبي طالب بثلاثة أيام ، فسمى رسول الله ذلك العام عام الحزن ، فقال ما زالت قريش قاعدة عني حتى مات أبو طالب وهذا ما نراه في أيامنا هذه في بعض البرامج التلفزيونيَّة حين يقوم أحد الإعلاميِّين أو المهرِّجين بالسخرية من رجال الدعوة، أو علماء الإسلام، وتكون سخريَّتهم لاذعة سخيفة، في حين أنَّهم يتناولون موقفًا جادًّا من مواقف هؤلاء الدعاة أو العلماء؛ سواءٌ في خطبةٍ دينيَّةٍ أم سياسيَّةٍ أم غير ذلك من الأمور المهمَّة، فيَقْلِبون الحدث إلى فكاهة، وتكون متعتهم في هذا الإسفاف! واستكمالًا لهذا الموقف الذي ذكرناه فإنَّ هناك روايةً أخرى مؤثِّرة للغاية تشرح حدثًا ترتَّب على هذه القصَّة، وفيه بعض الاستفادات الدعويَّة؛ لهذا آثرتُ أن آتي به ليكمل المعنى

لكن مما زاد من حزنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ موت عمه على الكفر، وامتناعه أن يقول لا إله إلا الله قبل موته، ثم ما أعقب وفاة زوجته وعمه من انغلاق كثير من أبواب للدعوة في مكة.

سبب تسمية عام الحزن
وفاة أبي طالب عمّ النبيّ كان موت عمّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- مصيبةً أخرى ابتلي بها خلال فترةٍ قصيرةٍ من المصيبة الأول المتمثّلة في وفاة أمّ الؤمنين خديجة رضي الله عنها، فقد كان أبو طالب رغم شركه سنداً وعوناً للنبيّ عليه الصّلاة والسّلام، وكان يدفع عنه اعتداءات كفار ، فكان إيذائهم للنبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- خلال حياة عمّه قليلاً بالمقارنة لما فعلوه بعد وفاته، فبعد وفاة أبي طالب فقد كفار قريش آخر ذرّةٍ من نخوتهم، فقاموا بإيذاء النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- أشدّ الإيذاء، ممّا زاده حزناً إلى حزنه، ففي تلك الفترة اعتدى كفار قريش عليه بطريقةٍ لم يكونوا يجرؤون على فعلها في حياة أبي طالب، فقد روي أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- دخل إلى بيته والتراب على رأسه، فقامت إليه إحدى بناته لتغسل التراب عن رأسه الشريف وهي تبكي، فقال: أي بنيَّةَ لا تبْكينَ فإنَّ اللَّهَ مانعٌ أباك ، ويقولُ ما بينَ ذلِكَ: ما نالت منِّي قريشٌ شيئًا أَكرَهُهُ حتَّى ماتَ أبو طالبٍ ، بالإضافة إلى أنّ أمر إيذاء النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- انتشر في فلم يعد حكراً على الملأ من كفار قريش وسادتهم، بل أصبح عوام الناس يحاولون أذيته، بعد وفاة عمّه أبي طالب؛ ولذلك كان موته سبباً في تسمية بهذا الاسم
عام‌الحزن
والمرء يمكنه الدفاع عن ولده في ذلك النظام بكل أسلوب وفي جميع الأحوال حتى ولو كان ابنه خارجاً عن طريقة أهل البلاد ودينهم
عام الحزن
ولقد كان إيذاؤهم له في هذه الفترة مختلفًا عن كلِّ السابقة؛ فعلى الرغم من تعرُّض رسول الله صلى الله عليه وسلم للأذى من أوَّل يومٍ جَهَرَ فيه بالدعوة، وحتى يوم موت أبي طالب؛ فإنَّه لم يرَ مثل هذا الإيذاء قط! هذه السورة كما قال العلماء : ما قرأها محزون ٌإلا سُرِّي عنه
فأخذ النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ يعدّ تدابير لهذه الأزمة المحيطة به وبالمسلمين نعم، استجاب أهل يثرب إلى قول النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وقبلوا دعوته

ولم يكن هذا أمرًا ينفرد به أحدٌ دون أحدٍ؛ إنَّما كان عموم المشركين يفعلونه، نعم هناك أكابر المجرمين الذين بالغوا في تطاولهم؛ ولكنَّ أمر الإيذاء فشا في مكة حتى صار العوامُّ يجتمعون عليه صلى الله عليه وسلم يؤذونه، ومن هذا ما رواه الْحَارِثُ بْنُ الْحَارِثِ الْغَامِدِيُّ رضي الله عنه حيث يحكي موقفًا له في طفولته يوم كان يزور مكة مع أبيه فقال: قُلْتُ لأَبِي: مَا هَذِهِ الْجَمَاعَةُ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ قَدِ اجْتَمَعُوا عَلَى صَابِئٍ لَهُمْ.

8
عام الحزن interactive worksheet
وَقعُ وفاة السيدة خديجة على قلب فاطمة الزهراء عليهما السلام : رَوَى المفيد عن ابن قولويه ، عن أبيه ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن العباس بن عامر ، عن أبان ، عن بريد عن الصادق عليه السَّلام ، قال : " لما توفيت خديجة رضي الله عنها ، جعلت فاطمة عليه السَّلام تلوذ برسول الله صلى الله عليه و آله و تدور حوله و تقول أبة أين أمي ؟ قال : فنزل جبرئيل عليه السَّلام فقال له : ربك يأمرك أن تقرأ فاطمة السلام ، و تقول لها إن أمك في بيت من قصب كِعابُه من ذهب ، و عَمَدَه ياقوت أحمر ، بين آسية و مريم بنت عمران
عام الحزن worksheet
نعم كان لهذه الحادثة الأليمة وقعاً كبيراً على قلب الرسول صلى الله عليه و آله فتألم لفقدها ، و كأنه صلى الله عليه و آله لم يروقه البقاء بمكة بعد رحيلها حيث أنه لم يمكث بها بعد السيدة خديجة طويلاً
عام الحزن أشد مراحل الإيذاء
فَقَالَ أَبُو الْبَخْتَرِيِّ: هَلُمَّ إِلَى الْمَسْجِدِ