والنصوص الواردة في الكتاب والسنة والتي ذكرت بعضها عند ذِكر كلِّ ركنٍ من أركان العبادة — تردُّ على هؤلاء الطوائف الضَّالة، وتبيِّن أنَّ العبادة لا تقوم ولا يستقيم عودها إلاَّ بهذه الأركان مجتمعة، وهذا هو الذي قرَّره علماء السلف عليهم رحمة الله في كتبهم، وردُّوا على هذه الطوائف، ويكفي في الردِّ أنَّ الله جمع بين أركان العبادة في كثيرٍ من الآيات في آيةٍ واحدة | ومثل ما أُمر به شرعًا ولم يُحدَّد على فعله جزاءً معينًا، ويعتبر القيام به عبادة إذا نُوي بها القربة لله ويؤجر عليها، إجابة دعوة المسلم، قال عليه الصلاة والسلام «إذا دُعي أحدكم فليجب، فإن كان صائمًا فليصل، وإن كان مفطرًا فليطعم» |
---|---|
وقيل: الخوف اضطراب القلب وحركته من تذكُّر المخوف | ، فالسنة أصلٌ مطلق في التفسير بعد القرآن، وهو أمر أجمع عليه جميع علماء الإسلام ، وبينوا أن السنة بيان للقرآن من تفصيل مجمله، وبيان مشكة ، وبسط مختصره ، بل أن السنة النبوية على كثرتها وكثرة مسائلها، إنما هي بيان للكتاب ، وهذا ما كره القرطبي بقوله: ثم جعل إلى رسول الله r ، بيان ما كان منه مجملاً ، وتفسير ما كان منه مشكلاً ، وتحقيق ما كان منه محتملاً ، حتى قيل إن القرآن أحوج إلى السنة ، من السنة إلى القرآن ، علماً إن السنة النبوية في بيانها للقرآن، لم تكتف ببيان الأحكام الشرعية التعبدية فيه ، بل شملت بيان جمع الأحكام التي تهم الفرد المسلم من عقائد ومعاملات واجتماع وفلسفة وأخلاق |
وتعود العبادة على الإنسان نفسه بثمراتها، ولا تتمثّل هذه الثمرات بالنجاة من عذاب الله وناره، ودخوله ، وحصوله على رضا الرحمن فقط، بل إنّ إفراد الإنسان ربَّه بالعبادة، وأداءه لحَقّ الله عليه، يُحقِّق له الانسجام مع مفردات الكون الذي اختار أن يطيع الله، ويخضع له، قال -تعالى-: ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ، والإنسان إذا اختار عبادة الله وحده، فإنّه ينسجم أيضاً مع نفسه التي خلقها الله وفطرها على به، والاعتراف بأنّه المُنعِم، والمُتفضِّل عليه، فينعكس ذلك سعادةً على حياته؛ إذ وعده الله بالحياة الطيّبة، قال -تعالى-: مَن عَمِلَ صالِحًا مِن ذَكَرٍ أَو أُنثى وَهُوَ مُؤمِنٌ فَلَنُحيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَلَنَجزِيَنَّهُم أَجرَهُم بِأَحسَنِ ما كانوا يَعمَلونَ.
وقد وردت أدلَّةٌ كثيرةٌ في الكتاب والسُنة مُقرِّرةً هذا الشرط، ومنها قوله تعالى آمرًا نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم أن يُوضِّح لأمته ما أُمر به من قِبل الله — عزَّ وجل — فقال: }قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ { الآية : }قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ { | ومن أراد الله خذلانه وأن يكون دينه مستودعاً نعوذ بالله سبب له أسباب التقليد والتأويل من غير علم وبصيرة فذلك في المشيئة أن شاء الله تبارك وتعالى أتم إيمانه وأن شاء سلبه إياه حتى يصبح مؤمناً يمسي كافر أو يمسي مؤمناً ويصبح كافراً لأنه وقع في فتنة أضلته وهو يعلم وعنهم عليهم السلام من لم يعرف أمرنا من القرآن لم يتنكب الفتن أصول الكافي ج1 ص22 |
.
ومفهوم العبادة في الإسلام: هو أن يكون ما اشتمل عليه ضمير الإنسان وجميع أقواله وأفعاله لأجل الله عزَّ وجل على مراده، والمعنى أنَّ كلَّ حركة يقوم بها المسلم في حياته يكون الدافع لفعلها رجاء محبة الله ورضوانه، فقول القول لله وتركه لله، وفعل الفعل لله وتركه لله |
والخوف: قال أبو القاسم الجنيد : هو توقع العقوبة على مجاري الأنفاس.