وتابع: أما الجمهور من أهل العلم فيقولون: إنه لابد من استقبال القبلة إلحاقًا له بالصلاة، والأظهر في الدليل أنه يلحق بالذكر لا بالصلاة، فهو من جنس الذكر، كما يذكر الله الإنسان قائمًا وقاعدًا، وإلى القبلة وغيرها فهكذا السجود، يسجد إلى القبلة وإلى غيرها، لكن الأفضل والأولى أن يكون سجوده إلى القبلة لأن هذا هو الأفضل، وفيه خروج من خلاف العلماء | هنا جاء المصنف بجزئية من الأحكام الفقهية المتعلقة بالسجدة، وهي في قوله: كبر وسجد ، هو يقرأ وليس في صلاة، فلماذا كبر؟ بعضهم يقول: هي تكبيرة للانتقال؛ لأنه انتقل من القراءة إلى السجدة |
---|---|
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " إذا مر القارئ بآية سجدة، فإن كان في محل يمكنه فيه السجود فليسجد استحباباً، ولا يجب السجود على القول الراجح؛ لأنه ثبت عن رضي الله عنه، أنه قرأ وهو يخطب يوم آية السجدة فنزل وسجد، ثم قرأها في الجمعة الثانية فلم يسجد وقال: إن الله لم يفرض علينا السجود إلا أن نشاء وإذا لم يسجد فإنه لا يقول شيئاً بدل السجود؛ لأن ذلك بدعة، ودليله أن زيد بن ثابت قرأ عند النبي صلى الله عليه وسلم سورة النجم فلم يسجد فيها، ولم يعلمه النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً يقوله بدلاً عن السجود" |
أما الفقهاء الحنفية فيرون خلاف ذلك، فهو قاله بوجوبه أي أنه فرض مثل للصلاة، وذلك لأن الله تعالى وضع هذه المواضع لسجود التلاوة في العديد من الآيات الهامة والتي تحمل معاني عظيمة، وكأن الله يريد الله تعالى توقيرها في قلوبنا في كل مرة.
بإجماع العلماء أن سجود التلاوة ليس بواجب؛ ولكن كما أشار عمر رضي الله تعالى عنه: أن من سجد فقد أصاب، إذاً: الصواب هو مطلب كل إنسان، وأيضاً لو تتبعتم -يصعب علي تتبعه الآن- مواضع السجود الخمسة عشرة في كتاب الله تجدون أنها إما عند إعظام المولى سبحانه، أو إعظام كتابه الكريم، أو تنويهاً بمكانة النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا أخذت ما قبل آية السجدة في الخمسة عشرة موضعاً فستجد ما يوجب السجود ولو لم يأت الأمر به | سؤال أجاب عنه الشيخ محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، وذلك خلال فتوى مسجلة له عبر صفحة الإفتاء على يوتيوب |
---|---|
وفي رواية: فَعَصَيْتُ فَلِيَ النَّارُ» | والذين يصفون صلاة صلى الله عليه وسلم لا يستثنون من هذا سجود التلاوة فدل هذا على أن سجود التلاوة في الصلاة كسجود صلب الصلاة، أي انه يكبر إذا سجد، وإذا رفع، ولا فرق بين أن تكون السجدة في آخر آية قرأها، أو في أثناء قراءته فإنه يكبر إذا سجد، ويكبر إذا رفع، ثم يكبر للركوع عند ركوعه، ولا يضر توالي التكبيرتين؛ لأن سببيهما مختلف، وما يفعله بعض الناس إذا قرأ السجدة في الصلاة فسجد كبر للسجود دون الرفع منه فإنني لا أعلم له أصلاً، والخلاف الوارد في التكبير عند الرفع من سجود التلاوة إنما هو في السجود المجرد الذي يكون خارج الصلاة أما إذا كان السجود في أثناء الصلاة فإنه يعطى حكم سجود صلب الصلاة فيكبر إذا سجد، ويكبر إذا قام من السجود |
ِ وَلَمْ يَسْجُدْ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -وَزَادَ نَافِعٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَفْرِضْ السُّجُودَ إِلَّا أَنْ نَشَاءَ.
28تعريف وحكم سجود التلاوة سجود التلاوة هو السجود الذي يسجده المسلم عند قراءة آية سجدة إن كان في الصلاة أو خارجها، وسمّي بذلك لأنه سجودٌ خاصٌّ شُرع فعله عند الوصول إلى موضع السجدة أثناء تلاوة القرآن أو استماعه اقتداءً بسنة الرسول الكريم، وأجمع الفقهاء على مشروعية سجود التلاوة مستدلّين بما رُوي عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه قال: كانَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلم يقرأ علينا السورة، فيها السجدة فيسجد ونسجد، حتَّى ما يَجِدُ أحدنا موْضع جبهته | ما هي شروط سجود التلاوة للمرأة؟ تختلف أحكام سجود التلاوة عن أحكام سجود الصلاة، وقد انقسم العلماء في شرط الطهارة لسجود التلاوة قسمين: منهم من أوجب الطهارة لصحة سجود التلاوة، ومنهم من لم يشترط الطهارة لصحة السجدة ، أما عن شروط سجود المرأة للتلاوة ففي الصحيح من أقوال أهل العلم أن تغطية المرأة رأسها في سجود التلاوة غير واجبة، لأن سجود التلاوة ليس صلاةً وإنما هو ذكر لله تعالى وخضوع له وذل بين يديه، وبعض أهل العلم أوجب فيه الطهارة واللباس الشرعي وستر العورة للخروج من الخلاف، ولو سجدت المرأة بغير وضوء فسجودها صحيح ولا يلزمها إعادته، لأنها قد تعرض لها آية سجدة أثناء قراءتها من حفظها، ويستوي في ذلك الرجال والنساء، فقد ثبت عن ابن عمر -رضي الله عنه- أن ليس شرطًا لصحة سجود التلاوة |
---|---|
وفي ذات السياق، أشارت دار الإفتاء المصرية إلى أن سجود التلاوة سُنة مؤكدة، يُثاب فاعلها ولا يُعاقب تاركها، ويؤديها الشخص عند قراءة آية قرآنية فيها سجدة |
حكم قراءة الإمام لآية السجدة: كره الحنابلة قراءة آية السجدة في الصلاة السرية كالظهر والعصر والسجود لها؛ لأنه إن قرأها وترك السجود فقد ترك السنة، وإن سجد أدّى سجوده إلى اللّبس على المأمومين، وكره المالكية للإمام تعمّده تلاوة آية السجدة في الفريضة دون النافلة، ولو قرأها الإمام في صلاة سرية يجهر بها عندهم.
4