واستفتح في ذلك اليوم فقال: «اللهم أقطعُنا للرحم، وآتانا بما لا نعرفه، فأحنه الغداة، اللهم أينا كان أحب إليك وأرضى عندك فانصره اليوم»، فنزلت في ذلك الآية: إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ | ومثلت غزوة بدر أيضاً في الذي عرض لأول مرة في عام |
---|---|
ولما تم النصر وانهزم جيش أرسل الرسول محمد ليبشرا في بانتصار وهزيمة | وقد دعا الرسول بالنصر فقال: « اللهم هذه قريش قد أقبلت بخيلائها وفخرها تحادّك وتكذب رسولك، اللهم فنصرك الذي وعدتني» |
ولما وصل جيش إلى دب فيهم الخلاف وتزعزعت صفوفهم الداخلية، فعن أنه قال: لما نزل وأقبل ، نظر رسول الله إلى وهو على جمل أحمر، فقال: « إن يكن عند أحد من القوم خير فهو عند صاحب الجمل الأحمر، إن يطيعوه يرشدوا»، وكان عتبة يقول: «يا قوم أطيعوني في هؤلاء القوم فإنكم إن فعلتم لن يزال ذلك في قلوبكم، ينظر كل رجل إلى قاتل أخيه وقاتل أبيه، فاجعلوا حقها برأسي وارجعوا»، فقال : «انتفخ والله سحره أي جَبُنَ حين رأى وأصحابه، إنما وأصحابه أكلة جزور لو قد التقينا»، فقال : "ستعلم من الجبان المفسد لقومه، أما والله إني لأرى قومًا يضربونكم ضربًا، أما ترون كأن رؤوسهم الأفاعي وكأن وجههم السيوف".
أحد أسرى قُريش وهو يُعلِّم أولاد المُسلمين لقاء حُريَّته | كان عددُ في غزوة بدر ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً، معهم فَرَسان وسبعون جملاً، وكان تعدادُ جيش ألفَ رجلٍ معهم مئتا فرس، أي كانوا يشكِّلون ثلاثة أضعاف جيش من حيث العدد تقريباً |
---|---|
ودُفن من قُتل من في أرض المعركة، ولم يرد ما يشير إلى الصلاة عليهم، ولم يُدفن أحد منهم خارج ، ووقف الرسول محمد على القتلى من فقال: « بئس عشيرة النبي كنتم لنبيكم، كذبتموني وصدقني الناس، وخذلتموني ونصرني الناس، وأخرجتموني وآواني الناس»، ثم أمر بهم، فسحبوا إلى قليب من قلب بدر فطُرحوا فيه، ثم وقف عليهم فقال: « يا عتبة بن ربيعة، ويا شيبة بن ربيعة، ويا فلان، ويا فلان، هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقًا؟ فإني وجدت ما وعدني ربي حقًا»، فقال : «يا رسول الله! ثم بدأ الرسول بإصدار الأوامر والتوجيهات لجنده، ومنها أنه أمرهم برمي الأعداء إذا اقتربوا منهم، وليس وهم على بعد كبير، فقد قال: « إن دنا القوم منكم فانضحوهم بالنبل»، كما نهى عن سل السيوف إلى أن تتداخل الصفوف، قال: « ولا تسلوا السيوف حتى يغشوكم»، كما أمر الصحابةَ بالاقتصاد في الرمي، قال: « واسْتَبْقُوا نَبْلَكم» | وانتهت غزوة بدر بانتصار على وقتل قائدهم ، وكان عدد من قُتل من في غزوة بدر سبعين رجلاً وأُسر منهم سبعون آخرون، أما فلم يُقتل منهم سوى أربعة عشر رجلاً، ستة منهم من وثمانية من |
ومن تشجيعه أيضاً أنه كان يبشر أصحابه بقتل صناديد ، ويحدد مكان قتلى كل واحد منهم، كما كان يبشر بالنصر قبل بدء القتال فيقول: « أبشر أبا بكر»، ووقف يقول : « والذي نفس محمد بيده لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل صابرًا محتسبًا مقبلاً غير مدبر إلا أدخله الله الجنة».
21كما أخذ يعدل الصفوف ويقوم بتسويتها لكي تكون مستقيمة متراصة، وبيده سهم لا ريش له يعدل به الصف، فرأى رجلاً اسمه ، وقد خرج من الصف فضربه في بطنه، وقال له: « استوِ يا سواد»، فقال: «يا رسول الله أوجعتني، وقد بعثك الله بالحق والعدل فأقدني»، فكشف الرسول محمد عن بطنه وقال: « استقد»، فاعتنقه سواد فقبّل بطنه، فقال: « ما حملك على هذا يا سواد؟»، قال: «يا رسول الله حضر ما ترى فأردت أن يكون آخر العهد بك أن يمس جلدي جلدك»، فدعا له الرسول محمد بخير | وردّاً على ذلك، خرج من جيش ثلاثة رجال هم: وأخوه وابنه ، وطلبوا المبارزة، فخرج إليهم ثلاثة من وهم: ابنا الحارث وأمهما عفراء ، ولكن الرسول أرجعهم؛ لأنه أحب أن يبارزهم بعض أهله وذوي قرباه، وقيل أن رجال هم من رفضوا مبارزة هؤلاء ، فقالوا لهم: «من أنتم؟»، قالوا: «رهط من »، قالوا: «أكفاء كرام، ما لنا بكم حاجة، وإنما نريد بني عمنا»، ثم نادى مناديهم: «يا ، أخرج إلينا أكفاءنا من قومنا»، فقال الرسول محمد: « قم يا ، وقم يا ، وقم يا »، وبارز فقتله، وبارز وقتله، وبارز فضرب كل واحد منهما الآخر بضربة موجعة، فكرَّ على فقتلاه، وحملا وأتيا به إلى الرسول محمد، ولكن ما لبث أن تُوفّي متأثراً من جراحته، وقد قال عنه الرسول محمد: « أشهد أنك شهيد»، وفي هؤلاء الستة نزلت هذه الآيات من : هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ |
---|---|
ونظم جنده بعد أن رأى طاعة وشجاعتهم واجتماعهم على القتال، وعقد اللواء الأبيض وسلَّمه إلى ، وأعطى رايتين سوداوين إلى ، وجعل على الساقة ، وأرسل في نفر من أصحابه إلى ماء ، ليأتوا له بالأخبار عن جيش ، فوجدوا غلامين يستقيان للجيش، فأتوا بهما إلى الرسول محمد وهو يصلي، فسألوهما، فقالا: «نحن سقاة ؛ بعثونا لنسقيهم من الماء»، فكره القوم خبرهما، ورجوا أن يكونا ، فضربوهما، فلما أذلقوهما قالا: «نحن لأبي سفيان»، فتركوهما، وركع الرسول، وسجد سجدتين، ثم سلَّم، فقال: « إذا صدقاكم ضربتموهما وإذا كذباكم تركتموهما! وبعثت إلى الرسول محمد في فداء أسراهم، ففدى كلُّ قوم أسيرَهم بما رضوا، وكان ناس من الأسرى يوم بدر ليس لهم فداء، فجعل الرسول فداءهم أن يعلِّموا أولاد الكتابة، وبذلك شرع الأسرى يعلِّمون غلمان القراءة والكتابة، وكل من يعلِّم عشرة من الغلمان يفدي نفسه | لقد أرسل ليقوم بجمع المعلومات عن القافلة، فلما عاد بالخبر اليقين، ندب أصحابه للخروج وقال لهم: « هذه عير فيها أموالهم فاخرجوا إليها لعل ينفلكموها»، ولكن لم يعزم على أحد بالخروج، لأنه لم يكن يتوقع عند هذا الخروج أنه خارج للقتال في معركة مع ، ولذلك تخلَّف كثير من في ، ولم يُنكِر على أحد تخلفه في هذه الغزوة، ومن المؤكد أنه حين خرج من لم يكن في نيته قتال، وإنما كان قصده عيرَ التي كانت فيها أموالٌ كان جزءٌ منها من أهل ، وقد استولت عليها ظلمًا وعدوانًا |
وأرسل الرسول اثنين من أصحابه إلى ، وهما عدي بن الزغباء الجهني طليعةً للتعرف على أخبار القافلة، فرجعا إليه بخبرها.
13